غالباً ما يشغل موضوع الدعارة في لبنان وسائل الإعلام لاهتمام الرأي العام اللبناني به، من وموقع الحشريّة والبحث عن المثير من الأخبار. ولكن، يجدر في الوقت عينه إلقاء الضوء على هذا الموضوع من زاوية أخرى.
أعدّت مسؤولة قسم مكافحة استغلال النساء والإتجار بهن في جمعيّة "كفى" غادة جبور، دراسة حول "استكشاف الطلب على الدعارة": ما يقوله مشترو الجنس الذكور حول دوافعهم وممارساتهم وتصوراتهم.
وتشير الدراسة الى إفادات بعض الفتيات بتعرّضهن للضرب من قبل بعض الزبائن الغاضبين، فضلاً عن ضربهن من قبل القوادين، هناك ممارسات عنيفة يلجأ بعض الرجال اليها مثل تفريغ شهوانيتهم بفتاة الدعارة، التي يعدونها باتت "ملكًا" لهم.
"أقوم بأفعال جنسية لا أقوم بها مع زوجتي لأنها أم أولادي وأحترمها، ولا أعتقد أنها تقبل ذلك"، هذا ما قاله أحد المشترين عند سؤاله عن لجوئه الى الدعارة. اللافت أن 60% من مشتري الخدمات (من الذين شاركوا في المقابلات) أفادوا بأنّ لديهم شريكة كانوا في علاقة جنسية منتظمة معها في الفترة التي أجريت فيها المقابلة معهم. أمّا دوافع هؤلاء، فقد اختلفت بين من وجد أن شراء الجنس أسهل وفي المتناول أكثر، ومن أقر برغبته في "تغيير الطعمة" وغيرها من المبررات التي تصب في دافع تلبية غريزتهم الجنسية "اللي متل الاكل والشرب". هذه الدوافع أظهرت اعتقاد هؤلاء بأنّ لجوءهم الى الدعارة حق مكتسب وطبيعي.
وتشير الدراسة الى أنّ معظم مشتري الخدمات الجنسية يرون أن ظاهرة الدعارة جزء أساسي من المجتمع، لا بل «حذروا» من خطورة انعدام هذه الظاهرة. هكذا إذا، تصبح شريحة نساء الدعارة "ضرورية" لمجتمع سليم خال من التحرّش والاغتصاب، فهن "المتنفّس" الذي يفرّغ هؤلاء "شحنهم الجنسي".
وعلى الرغم من "إقرار" هذا الشاري بضرورة وجود نساء الدعارة لم ينفك يصفهن "بحثالة المجتمع"، كيف لهذا "الفحل" أن يعترف بضرورة وجود تلك "الحثالة" في المجتمع وبعدم قدرته عن الاستغناء عنها؟
والجدير ذكره أن قضايا الدعارة كلّها تدخل في اختصاص مكتب حماية الآداب، "وهو مكتب مركزي في بيروت ليس له أي فرع في المناطق، الأمر الذي يجعل هذا المكتب المرجع الوحيد المختّص في الاستقصاء عن جرائم الدعارة واستغلالها والتحقيق فيها بما يستتبعه ذلك من نتائج من شأنها تعزيز الانتقائية في الملاحقة" وفق ما يلفت معدو هذه الدراسة. من هنا تلفت الدراسة الى استنسابية معينة من قبل المكتب في التعامل مع الأسماء الواردة في التحقيقات، وخصوصاً لناحية عدم التوسّع في التحقيقات مع بعض المسهلّين، ومن الأمثلة على ذلك: في إحدى القضايا، ورد اسم مالك شاليه مارست فيه ثلاث نساء الدعارة وفق ما ورد في إفاداتهنّ، لكن المكتب لم يبادر الى استدعائه.
ويلجأ المكتب الى استخدام مخبرين سريّين لإلقاء القبض على المشتبه فيهم بممارسة الدعارة او بتسهيلها، الا انّ الدراسة لفتت الى أنّه في بعض الحالات، يستبيحون لأنفسهم ممارسة الفعل الجنسي فيُلقى القبض على النساء خلال أداء الخدمة الجنسية أو مباشرة من بعد الانتهاء منها. وقد تبرّر هذه الممارسات بعدم إمكانية ملاحقة الزبون جزائيا مما يسمح للمخبر بالقيام بدوره من دون أن يتعرّض لخطر الملاحقة. (وفق قانون العقوبات، لا يتعرّض الزبون صراحة لأي مسؤولية جزائية).
وتستعين الدراسة بمثال مداهمة مركز تدليك، حيث كان المخبر السري في إحدى الغرف مع إحدى المدلكات عاريا من ثيابه بينما كانت المدلّكة تمارس الجنس الشفوي معه.
وتضيف الدراسة إنه في جميع الحالات التي جرت دراستها، لم تتضح كيفية تنظيم عمل المخبرين السريين. "ففي إحدى الحالات جرى الاتصال بالنائب العام الاستئنافي بعد ممارسة المخبر الجنس مع المرأة المعنيّة لا قبلها".
وفي بعض الحالات التي رُصدت تبين ان المخبر أدى دورا أساسيا ليس فقط في الكشف عن ممارسة الدعارة، بل أيضا في الحض عليها، وهو كذلك لم يتورع في هذا السياق عن أداء دور الزبون وإرضاء نزواته الجنسية..
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك