تتقاسم "جبهة النصرة"، كفصيل إسلامي معارض، مع تنظيم "داعش" السيطرة على المساحات غير الواقعة تحت سيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولو أنّ المساحات التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلاميّة" أكبر بكثير.
واستعادت "جبهة النصرة" دورها في الفترة الأخيرة كمقاتل يهدد نفوذ النظام في معاقله، نظرا لتحالفاتها وعلاقاتها المتينة بفصائل جهادية وإسلامية وكتائب سورية مقاتلة، رغم أنها نادرا ما عملت على تجنيد المقاتلين وتدريبهم، إذ يشكل المقاتلون اللاجئون إليها من فصائل سورية أخرى، قوتها الضاربة، وتستفيد من خبراتهم وحاضنتهم الشعبية بهدف تحقيق إنجازات ميدانية.
وبموازاة تمدد "داعش" وسيطرته على أكثر من ثلث الجغرافية السورية، وتنكيل التنظيم المتشدد بخصومه ومخالفيه الرأي الفقهي والعسكري، ومنهم مقاتلو "النصرة"، وجد كثيرون من المقاتلين السوريين ضالتهم في الالتحاق بـ"الجبهة" التي استقطبتهم، كونها "وفّرت لهم الامتداد العقائدي الذي يحاكي انتماءاتهم المتشددة"، كما تقول مصادر بارزة في المعارضة السورية لـ"الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن "داعش" و"النصرة""يتشابهان عقائديا، ويختلفان على تفاصيل تنظيمية ما يجعلهما توأما متشددا، ووجهين لعملة واحدة".
وظهرت "النصرة" التي تتبنى آيديولوجية "تنظيم القاعدة"، للمرة الأولى في أواخر العام 2011 تحت مسمى "جبهة النصرة لأهل الشام"، وتلا زعيمها أبو محمد الجولاني بيانها التأسيسي في 23 كانون الأول 2011، متبنياً أول عملية انتحارية تُنفذ في سوريا، ضربت مركزا أمنيا في مركز كفرسوسة في العاصمة السورية.
وأشار حينها إلى أن أهم أهداف "الجبهة" هو تأسيس دولة إسلامية. وبعد تنفيذ عمليات استهدفت مدنيين في حلب والعاصمة السورية، أعلنت الولايات المتحدة في كانون الأول 2012، إدراج "جبهة النصرة" على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لارتباطها بـ"تنظيم القاعدة".
وتخوض "النصرة" معارك واسعة ضد القوات الحكومية السورية في مناطق نفوذها، لكن المعارضة تشكّك بنواياها، كونها "تخدم أهداف النظام السوري من خلال سلوكيات غريبة". ويسأل مصدر بارز في المعارضة السورية في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" عن "الغرض من التحضير لمهاجمة بلدة محردة (في ريف حماه) التي يسكنها مسيحيون، بقيادة الجولاني نفسه، من غير التطلع للسيطرة على مطار حماه العسكري الذي يعد إسقاطه أكثر سهولة؟". ويرى أن هذا الهدف "مشبوه"، مؤكدا أن الجبهة التي تستقطب "جهاديين أجانب على غرار أولئك الذين يستقطبهم (داعش)، تتبنى مشاريع مشبوهة تضر بالثورة السورية ومصالح المعارضة أمام المجتمع الدولي".
ويتحدث ناشطون في درعا عن "مقاتلين من باكستان يوجدون على حواجز جبهة النصرة، ويرتدون الزي الباكستاني التقليدي"، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ مقاتلا هنديا يقاتل إلى جانب النصرة، نفذ عملية انتحاريّة في إحدى البلدات العلويّة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك