قد يكون موقف "حزب التنازل" مما يحدث في معلولا من باب اللامبالاة، بمعنى أن ما يحدث في سوريا عامة، ولمسيحييها خاصة، لا دخل لنا فيه. فإذا حرقت بعض الكنائس، ودمِّرت بعض الأديرة، وهجِّر بعض الناس، "نحنا شو خصنا"، فالمسألة سورية، وما همنا ما دامت الكأس بعيدة عنا؟ نحن عندنا هموم أكبر، منها التحريض ضد نصف اللبنانيين المسيحيين على الأقل، وكل اللبنانيين الشيعة، واستعطاف المملكة العربية السعودية رئاسياً. هذا عدا حل المشكلات الشخصية، وجمع المال، ورفع اللوحات الإعلانية السخيفة التي تكلف ملايين الدولارات لترويج شعارات كاذبة حيناً، أو ادعاء بطولات وهمية أحياناً. أما الخشية من تمدد النار السورية إلى لبنان ومسيحييه، "فمجرد حكي".
موقف الحزب عينه من أحداث معلولا قد يكون كذلك سوء تقدير في السياسة. فالشعب السوري ثائر ضد الدكتاتورية، وهو ينشد الحرية والعدالة، ونظاماً ديموقراطياً على النسق الغربي المتحضر. والغرب أصلاً مع إسقاط النظام السوري الذي يشكل جزءاً من "محور الشر". لا مشكلة أقليات في سوريا، ولا مكونات مجتمعية تخشى على الوجود. الشعب السوري شعب واحد منسجم، والكلام على سنة وعلويين ودروز ومسيحيين هناك أصلاً، "مجرد حكي".
موقف الحزب إياه قد يكون أيضاً تآمراً موصوفاً. ولم لا؟ فالرئاسة على البواب، والتجارب التاريخية حقاً كثيرة. ألم يكن تهجير مسيحيي الجبل وشرق صيدا في لبنان تآمراً؟ ألم يكن الهدف تجميع المذاهب اللبنانية في مربعات معينة، سميت حينها "كانتونات"، تمهيداً للتسلط عليها؟ ألم يقل رئيس "حزب التنازل"
شخصياً في حديث تلفزيوني، أنه شارك وليد جنبلاط جلسات "أنغلة وتقريق" على ما حصل في حرب الجبل مثلاً؟ فإذا لم يكن التآمر واحداً، لماذا تكون "المسخرة" على ما حدث مقبولة وطبيعية؟ وللمناسبة، التسجيل موجود... وكلامنا بالتالي ليس "مجرد حكي"...
لامبالاة أو سوء تقدير أو تآمر. وفي الحالات الثلاث، الجرم واحد: تنازل جديد من "حزب التنازل". وهذه المرة، حان دور معلولا. أما سائر التبريرات والتلفيقات، معطوفة على اختراع تاريخ من المقاومة المزوَّرة، تحت عنوان "الدفاع عن المسيحيين"، واحتكاره من شخص وحزب تنازلا عن كل الحقوق والثوابت، فهذا هو بالتحديد ما يمكن أن يقال عنه أنه "مجرد حكي"...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك