ربما كان على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن يوقف الاجتماع الذي كان يضمه الى رئيس تيار المستقبل سعد الدين الحريري في فرنسا كرسالة احتجاج قوية على الهجوم الذي شنه نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري على البطريرك الراعي بالتزامن مع لقاء الحريري الراعي واصفا اياه بسفير النظام السوري. كان الراعي بحسب بعض الحاضرين يسمع كلاما مغايرا تماما من الحريري ولولا كبر قلبه ورفضه التحريض لأنهى الاجتماع على وقع هجوم أتى من أعلى موقع رسمي يمثل تيار المستقبل في السلطتين التنفيذية والشتريعية حتى هذه اللحظة. أو على الأقل كما تقول الاوساط المتابعة كان عليه أن يطلب توضيحا من الحريري عن هذا التباين بالأدوار بين الحريري ومكاري.
لم يكن هجوم مكاري الوحيد على البطريرك الراعي بل انضم اليه مفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو بعد أيام محرضا على الراعي عبر مطالبته المسيحيين بوضعه عند حده ومنعه عن الكلام باسمهم. بالتزامن يرصد المتابعون مقالات
على بعض المواقع المحسوبة على المستقبل تقول في حق الراعي كلاما أقسى كسفير محور الشر مثلا.
لماذا استعرت الحملة مجددا على البطريررك الراعي؟ من قراءة الاتهامات ربما يظن البعض أن الحملة تعود الى مواقف البطريرك التي تحذر من مجيىء أنظمة أكثر تشددا في سوريا وهو موقف انطلق أصلا من واقع بدأ يتظهر أكثر فأكثر في سوريا من خلال سيطرة مجموعات متطرفة على مفاصل مهمة من الثورة السورية وتقدم جبهة النصرة على غيرها من المجموعات في مواجهة الجيش السوري . وبالتالي فان موقف الراعي منذ بداية الأزمة السورية وبالتحديد من فرنسا بدأ الغرب نفسه يقترب منه فيتردد في تقديم المساعدات الى الثوار السوريين خوفا من وقوعها في يد متطرفين وينشر قوات ويضع خططا للسيطرة على الأسلحة الكيمائية في سوريا في حال سقط النظام خوفا من وقوعها بايدي مجموعات متطرفة. هكذا يفهم موقف البطريرك سواء كنت مؤيدا أو معارضا للنظام السوري وهو الموقف الذي يخشى على الأقليات من عمليات تكفير شاهدنا بعضها في عدد من المناطق السورية حتى أن معارضا بحجم ميشال كيلو كتب منتقدا مسألة الاعتداء على الكنائس والمزارات . خلفية الحملة الجديدة في السر وفي العلن لا تعود الى موقف الراعي من الأزمة السورية خصوصا أن أحد الصقور الذين هاجموا البطريرك الراعي كان يعلّم ابناء الضباط السوريين في الجامعات الخاصة على حسابه ويقدم للضباط السوريين هدايا كأحذية وما فوق حتى يبقى رضا الوصاية السورية قائما عليه ويمثّل السوريين خير تمثيل في عنجر قبل ساحة النجمة.
اذا أردنا معرفة حقيقة خلفية الحملة على الراعي يمكن مراجعة توقيت تصريح مكاري ضد الراعي . فالتصريح لم يأت أثناء وجود الراعي في فرنسا بل جاء بعد ساعات على تعليق المجلس النيابي للمهل الواردة في قانون الستين وهو ما كان يرفضه مكاري وما قبله المستقبل على مضض بحكم موقف حلفائهم المسيحيين الذين أجمعوا مع القوى المسيحية الأخرى تحت سقف بكركي وبرعاية البطريرك الراعي على رفض الترشح على أساس قانون الستين. مكاري وللتذكير خرج عن مسار تيار المستقبل في تأييد صيغة تعليق المهل ووقف الى جانب النائب وليد جنبلاط.
من هنا تفهم الحملة على أنها انزعاج واضح من مواقف البطريرك ومساعيه للوصول الى قانون انتخابي جديد يكون الأفضل والأنسب والأنصف لكل اللبنانيين كما عبر بيان المطارنة الموارنة . وهو ما يقوم به مع القوى المسيحية في بكركي التي سارت بالاقتراح الأورثوذكسي وأيدها بذلك حزب الله وحركة أمل. ثمة من كان يريد من الراعي القبول بالستين ربما أو من كان يتمنى صمت بكركي من أجل تكرار تجربة عام 2005 والدوس على الصوت المسيحي والتمثيل الصحيح والمناصفة الفعلية بين مكونات المجتمع.الخطيئة التي ارتكبها الراعي أنه يسعى الى رفع الهيمنة عن الصوت المسيحي وتامين التمثيل الصحيح.
ثمة من هو متضرر انتخابيا وميثاقيا فيهاجم البطريرك الراعي وثمة من هو متضايق ومتضرر فيسمع الراعي كلاما منمقا وعظيما.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك